البناء العلمي للمحدث

التربية والتعليم

الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على معلِّم البشريَّة الأوَّل، محمدٍ رسول الله، الذي بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وتركها على المحجَّة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. أمَّا بعد..
فإنَّ علم الحديث الشريف، لَبنَةٌ أساسيَّة في صرح التشريع الإسلامي، وعمودٌ فقريٌّ في فهم الدين الحنيف، فهو الجسر الواصل بين الأمة وبين نبيها ﷺ، والمصفاة التي تنقي سنته من كل ما علق بها من شوائب القول والرواية.
ولقد انبرى علماء الأمة الأفذاذ، جيلاً بعد جيل، لخدمة هذا العلم الجليل، فوضعوا القواعد، وصنفوا المصنفات، وبينوا الصحيح من السقيم، محافظين على أقدس أمانة: أمانة نقل الوحي الثاني. فكانت جهودهم منهجاً علمياً فريداً سبقوا به العالمين، وأسسوا به علوماً دقيقة قلَّ أن يوجد لها نظير في تراث الأمم الأخرى.
ومن هنا، تأتي أهمية "البناء العلمي للمُحدِّث" كموضوع بالغ الأهمية؛ فهو يهدف إلى الكشف عن المنهجية المتكاملة التي يصنع بها عالم الحديث، والتي تجعله قادراً على حمل هذه الأمانة، وأداء هذه الرسالة. فهذا البناء ليس تراكماً معرفياً فحسب، بل هو عملية تشييد متكاملة للشخصية العلمية للمُحدِّث، تشمل تأهيله الذهني والأخلاقي والمهاري.
لذلك، يسعى هذا الكتاب إلى تقصي أركان هذا البناء الشامخ، بادئاً بأسسه المعرفية من علوم الآلة التي لا غنى للمحدث عنها، مروراً بآدابه السلوكية والأخلاقية التي هي روح هذا العلم، وصولاً إلى المهارات التطبيقية التي تمكنه من النقد والتمييز والاستنباط.
فجاء هذا البحث محاولةً جادة لتقديم رؤية منهجية شاملة لصناعة المحدث، تستلهم تراث الأمة الزاخر، وتستفيد من المناهج الأكاديمية المعاصرة، سعياً لإحياء هذه الصناعة العظيمة، وتقديم نموذج يحتذى به في عصر كثر فيه الدخلاء على العلم، واختلطت فيه السبل.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، ونافعاً لطلبته، ولبنةً في إعادة بناء الوعي العلمي الرصين في أمتنا، إنه نعم المولى ونعم النصير.




كتبه
فضيلة الشيخ : حذيفة بن حسين القحطاني
غفر الله لهُ ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين

محبي الشيخ حذيفة القحطاني

1

2025-12-0512:45 AM

application / pdf

1732302

التعليقات