قواعد رواية الأكابر عن الأصاغر صورة كتاب

اسم الكتاب

قواعد رواية الأكابر عن الأصاغر

القسم

التربية والتعليم

عن الكتاب

فإنَّ علم الحديث الشريف، الذي هو الوعاء الثاني للتشريع بعد كتاب الله تعالى، قام على دعامتين راسختين: نصُّ المروي، وإسنادُ الناقل. وهذا الإسناد هو السلسلة الذهبية التي تربط الأمة عبر العصور برسولها صلى الله عليه وسلم. ومن خلال النظر في طبيعة هذه الأسانيد، نجد ظاهرةً علميةً دقيقةً تلفت الانتباه، وهي ظاهرة "رواية الأكابر عن الأصاغر"، أي رواية العلماء الكبار في السنِّ، المكانة، والعلم، عن تلاميذهم أو عن معاصرين هم أصغر منهم سنًّا أو أقلَّ منهم رتبةً في طلب العلم.
وهذه الظاهرة، التي قد تستغربها العقول في بداية الأمر، كونها تخالف المسار الطبيعي للتعلم (من الكبير إلى الصغير)، هي في الحقيقة من أعظم الأدلَّة على تواضع العلماء، وحرصهم على العلم، ودقَّتهم في النقل. فهي تُجسِّد مقولة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الحكمة ضالَّة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحقُّ بها".
لذا، يهدف هذا الكتاب "قواعد رواية الأكابر عن الأصاغر" إلى دراسة هذه الظاهرة دراسةً علميةً منهجيَّة، تخرج بها من دائرة الاستغراب العادي إلى دائرة القواعد الضابطة، والأحكام المُحكَمة التي وضعها علماء الجرح والتعديل والنقد للإسناد والمتن. فهي ليست شذوذًا في منهج النقل، بل هي نوعٌ له أسبابه، وشروطه، وآثاره، وضوابطه التي تحفظ له قيمته العلمية، وتمنع من أن يكون ثغرةً يدخل منها الدخلاء على هذا العلم الشريف.
ويتناول هذا الكتاب المحاور التالية:
1. التعريف بمصطلحات الظاهرة: تحديد معنى "الكبير" و"الصغير" في هذا السياق (هل هو سنٌّ، أو علم، أو سبق إلى الطلب، أو شهرة؟)، وبيان الفرق بينها وبين المفاهيم المشابهة كـ "رواية الآباء عن الأبناء"، و"رواية الأقران".
2. الأسباب الدافعة لرواية الأكابر عن الأصاغر: ومنها: تواضع الكبير، وحرصه على سدِّ ثغرة في علمه، أو رواية حديثٍ لم يسمعه إلا من ذلك الصغير، أو أن يكون الصغير قد سمع من شيوخٍ لم يدركهم الكبير، أو رحل إلى بلادٍ لم يصلها الكبير.
3. شروط قبول رواية الأكابر عن الأصاغر: وهو لبُّ الكتاب وجوهره. وفيه تفصيل للضوابط التي تجعل هذه الرواية مقبولةً موثوقًا بها، كأن يكون "الصغير" ثقةً ضابطًا، وأن يُصرِّح الكبير بالسماع منه إن كان ذلك لازماً، وأن تخلو الرواية من الشذوذ والعلل القادحة.
4. أثر هذه الظاهرة في الحكم على الإسناد: وكيف تعامل المحدِّثون معها في مصطلحاتهم، مثل قولهم: "فلانٌ يروي عن أصحابه وأقرانه"، أو "يروي عن صغارِ أهل بلده"، ومتى تكون هذه الرواية قوَّةً في الإسناد ومتى تكون سببًا في التوقُّف أو النقد.
5. نماذج تطبيقية من السنة النبوية وكتب التراث: استعراض أمثلةٍ مشهودةٍ من واقع كتب الصحاح والسنن والمعاجم، لرواية أكابر الأمة عن أصاغرها، مثل رواية الإمام أحمد بن حنبل عن تلميذه الإمام البخاري، أو رواية الشافعي عن تلميذه أحمد في بعض الآثار، ورواية كبار التابعين عن صغارهم.
6. الفوائد العلمية والتربوية المستفادة: بيان الدروس العظيمة التي تُستقى من هذه الظاهرة، في التواضع العلمي، ونبذ الكبرياء، واقتفاء أثر السلف في حرصهم على العلم من أي وعاء خرج، وصونهم للأمانة العلمية فوق كل اعتبار.
فهذا الكتاب، إذن، محاولةٌ لجمع شتات ما كُتب في هذا الباب الفريد من أبواب علم الحديث، وتنظيمها في منهجية واضحة، وإخراجها في صورة قواعدَ عملية يستفيد منها طالب العلم المتخصص في علوم الحديث، والباحث في علم التخريج والنقد، بل وكلُّ من يهتم بمنهجية النقل العلمي الرصين في التراث الإسلامي.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ونافعًا لعباده، وسدًّا في ثغرة من ثغرات البحث العلمي في تراثنا الحبيب. وهو الموفق والمستعان.


كتبه
فضيلة الشيخ : حذيفة بن حسين القحطاني
غفر الله لهُ ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين

صاحب الكتاب

عدد القراء

1

عدد مرات التحميل

1

التقييم

تاريخ الأضافة

أمس11:36 PM

نوع الملف

application / pdf

حجم الكتاب

1361587

التعليقات

{{ comment.created_at }}

{{ whoCommented(comment) }}

{{ comment.comment }}

{{ reply.created_at }}

{{ whoCommented(reply) }}

{{ reply.comment }}

لا توجد تعليقات

قواعد رواية الأكابر عن الأصاغر

نعتذر الكتاب غير متاح حالياً





Top